الجمعة، 16 يناير 2015

قصة نجاح موقع لينكد إن



في عام 1997، كان رييد هوفمان سباقا في قراءة مستقبل مواقع انترنت الاجتماعية (أو المجتمعية كما يفضل البعض) حين أنشأ موقع مواعدة كان من الأوائل في هذا المضمار، لكن موقعه هذا لم يمنعه من الاستثمار في مواقع مماثلة مثل فرندستر وفيسبوك و فليكر وغيرها.

رأى رييد المستقبل للتشبيك الاجتماعي، وأن الحصول على مليون مشارك خطوة أولى لنجاح المواقع الاجتماعية. فيما يلي أحكي لكم قصة رائد التشبيك الاجتماعي في قطاع الأعمال.
جاء ميلاده في 5 أغسطس 1967 في مدينة ستانفورد بولاية كاليفورنيا الأمريكية، ليتخرج من جامعة ستانفورد الشهيرة، ورغم أنه في مطلع شبابه أراد أن يكون أستاذ جامعيا، لكنه وجد أن العصامية (ريادة الأعمال / انتربنورشيب) ستجعله يؤثر بشكل أكبر وأكثر إيجابية في الناس عموما.

 تنقل رييد بين عديد الوظائف، منها ما كان لدى ابل و فوجيتسو، ثم أسس شركته الخاصة الأولى Socialnet.com (بمشاركة آخرين!) والتي خصصها لموقع المواعدة، بعدها لم يتردد في أن ينتقل للعمل في هذه الشركة الناشئة وضمن مجلس إدارة موقع باي بال.


سبب هذا التنقل بين الوظائف أن رييد حين قابل المستثمرين وطلب منهم المال لتأسيس شركته الخاصة، سألوه عدة أسئلة، مثل هل عملت في دور كذا وكذا، هل قمت بتوزيع برامج بأعداد مليونية، وغير ذلك، فما كان منه إلا وكتب كل هذه الأسئلة وبدأ يجتهد للإجابة عليها، بالعمل في شركات كبيرة يكتسب منها الخبرة العملية.

 حين أطلق موقع المواعدة، تعلم رييد درسه الأول: كيف تصل إلى ملايين المستخدمين عبر انترنت، ثم بعدها إلى عشرات الملايين منهم؟ لم تفلح شركته الأولى في العثور على الإجابة الصحيحة لهذا السؤال، ولذا تعين الانتقال إلى وظيفة أخرى: باي بال.
كيف تعرف رييد على مؤسسي باي بال؟ عبر جامعة ستانفورد حيث درس، ومن هنا يتبين لنا أن الجامعات ليست دور علم وحسب، بل هي نواة تشبيك اجتماعي تساعدك على ترقي سلم الأعمال والتجارة.

 نعم تعليمنا الجامعي عليه ملاحظات كثيرة، ولم نأتِ بجديد هنا، لذا دعنا نركز تفكيرنا على كيفية الاستفادة من الوضع الحالي، عل ذلك يساعدنا على تغيير المستقبل). حين فشلت شركته الأولى في جمع ملايين المستخدمين، انتقل رييد إلى باي بال حيث بدأ يتعلم أشياء كثيرة، فهو احتاج لبعض المعلومات عن قطاع البنوك، طرق التسديد والتحصيل، إدارة المواقع الآمنة، التكييف الحكومي للمعاملات المالية وغير ذلك. كان رييد يتعلم كيف يجمع الأجزاء الصغيرة معا من أجل صنع جزء كبير يؤدي وظيفة أكبر.

بعد بيع باي بال إلى شركة إيـباي، بدأ رييد في التفكير في إنشاء موقع اجتماعي لقطاع الأعمال والتنفيذيين، ولذا أسس في ديسمبر 2002 موقع لينكد إن Linkedin.com، وأطلقه رسميا في مايو 2003.

حصل رييد على نصيب سمين من بيع موقع باي بال، (ملحوظة للقارئ العصامي: احرص على أن تحصل على حصة في أسهم الشركة الناشئة) الأمر الذي جعله يمول فكرته الجديدة بقلب مطمئن، لما لا و رييد يؤمن بأن فترة الكساد الاقتصادي هي أفضل فترة تطلق فيها نشاطا تجاريا جديدا. لماذا؟ لأن الكساد يخلي الطريق أمامك من المنافسين، ويجعلك طريقك سالكا نحو القمة.

بالطبع، ثمن ذلك صعوبة الحصول على مال المستثمرين لتمويل مشروعك. هكذا الحياة، تعطي بيد وتأخذ بالأخرى يا عصام!

فوق كل ذلك، في فترة 2002، كان الجميع يتعافى من أزمة انفجار فقاعة مواقع انترنت، لكن هذا الخوف والقلق اعتبره رييد مزيدا من التحدي الذي أراد مواجهته. في البداية، جمع رييد 13 عضوا في فريق تأسيس الموقع، وحين بدأت آليات الموقع تعمل، قام هؤلاء الـ 13 بدعوة 112 من أصدقائهم ومعارفهم للاشتراك في الموقع. اليوم يفوق عدد المشتركين في الموقع 75 مليون، بدأوا من هؤلاء الـ13.

كانت الروح السائدة بين فريق العمل في ذلك الوقت (عامي 2003-2004) هو الاجتهاد لإجابة السؤال: كيف نحصل على مليون مشترك؟ هذه الروح جعلت خوارزميات البحث تجتهد لكي تعطي نتائج ذات قيمة فتعطي نتائج إيجابية تساعد الفريق على زيادة عدد المشتركين.
 لقد كان العام الأول من عمر الموقع (2003) عام تحسين ودوزنة وتطوير آليات العمل في الموقع. كان رييد شغوفا بأن يحصل على مليون مشترك، ثم يجعل هؤلاء المليون يتفاعلون معا ويتشابكون، ثم يبني نموذج تربح على هؤلاء المليون.



كانت المحاولة الأولى للتربح في عام 2005 من خلال طلب مقابل مالي لطلب متقدمين لشغل وظائف، ثم الثانية عبر نظام الاشتراك المالي الدوري مقابل المزيد من الخدمات التي لا يحصل عليها المشترك المجاني، ثم أخيرا الإعلانات، خاصة وأن المشتركين في الموقع جاؤوا من بقاع مختلفة من العالم كله، ما جعل هناك فرص كثيرة لوضع دعايات وإعلانات أمامهم. اليوم، عوائد الإعلانات مسؤولة عن 30% من إجمالي أرباح الموقع، بينما 30% تأتي من شراء الشركات الكبرى لخدمات الموقع للبحث عن أنسب الموظفين، بينما البقية تأتي من بيع الاشتراكات السنوية.

 هذه الطريقة في تنويع الدخل جعلت الموقع لا يتأثر كثير حين تتراجع عوائد إعلانات انترنت.

ثم جاء عام 2006 ومعه اكتشف رييد بعض المشاكل في الموقع، أهمها حاجته لتكبيره وتوسيعه لكي يجلب عوائد أكبر، والثانية أن عليه تحويل طريقة تفكير مبرمجي الموقع من الاتجاه الأحادي إلى الثنائي، بمعنى، هذا المبرمج مثلا وظيفته خوارزميات البحث، ولا شيء سوى ذلك.

 هذه النظرة لم تعد تجدي في عالم اليوم، خاصة في ظل المنافسة والتطور المستمر. كذلك، كانت الأفكار الجديدة تتطلب تعاون عدة أقسام وفرق معا، فالفكرة الجديدة تمس مثلا جزئية البحث والعناوين وصفحات السيرة الذاتية، ولم يكن ممكنا تنفيذ الفكرة على مراحل، بل توجب عمل كل هذه الأقسام معا، وهذا تطلب أن يكون لدى رييد مبرمجين يعملون على عدة محاور في الوقت ذاته.

بعدها نجح رييد في جلب بعض الأسماء الناجحة للعمل ضمن فريقه، مثل الشهير ديب نيشار Deep Nishar الذي ترك لواء جوجل مؤخرا وانضم إلى لينكدان في منصب نائب مدير المنتجات، كذلك المدير التنفيذي CEO دان ناي Dan Nye والذي ساهم في زيادة عدد المشتركين في الموقع من 9 مليون إلى 35 مليون، وزاد عوائد الشركة بمقدار 900%، كل هذا خلال عامين فقط قضاها مع الشركة.

 هذه العقول ساعدت الشركة على التوسع وضم المزيد من العاملين، وفتح مكتب في أوروبا للاقتراب أكثر من المزيد من العملاء.

لكن عام 2008 شهد الأزمة المالية العالمية، ومعه اضطر رييد لصرف 10% من إجمالي العاملين في الشركة. اليوم، تقدر القيمة الإجمالية لموقع / شركة لينكدان بمقدار 2 مليار دولار بعوائد سنوية قدرها 17 مليون دولار في نهاية 2008.

وأما نصيحة رييد لمن يفكر في إطلاق مشروعه الخاص، أن يفكر كما لو كان يقود سفينة لعبور البحر، هذه السفينة بحاجة لأن ترسو على عدة جزر خلال رحلتها هذه، هذه الجزر هي التمويل حيث يعمل هذا المال بمثابة الوقود الذي يضمن استمرار السفينة في الإبحار.

 وأما وظيفة المنتجات التي تبيعها هذه الشركة الناشئة فهي ضمان وصول السفينة لمثل هذه الجزر، قبل نفاد الوقود.
المحزن في هذه القصة وفق موقع ويكيبيديا- أن موقع ليندان يمنع وصول الداخلين عليه من سورياوالسودان (وكذلك إيران و كوبا). هذه المعلومة تعني أن أي موقع عربي مماثل يختص فقط بهذين البلدين سيجد إقبالا كبيرا. ولعل قارئ يسأل، ما فائدة موقع اجتماعي يضم السير المهنية لغالبية الموظفين العاملين على كوكب الأرض؟ دعنا نفترض أنك أسست شركة جديدة تبيع منتج ما. وظيفتك كمؤسس شركة جديدة العمل طوال اليوم لبيع هذا المنتج. الآن أنت تريد عرض هذا المنتج على مدير الشراء في شركة تراها بحاجة لمنتجك، كيف ستصل إلى مثل هؤلاء؟ ستتصل بصديق وتطلب مساعدته، أو تبحث في موقع لينكدان وتطلب التواصل مع الفئة المستهدفة بمنتجك.
موقف آخر، حين ينفد صبرك مع مديرك الحالي في وظيفتك وتريد الرحيل والتغيير، فتبدأ تبحث في لينكدان عن أصدقاء لك من الجامعة أو من الحياة، وتنظر أين انتهي بهم السلم الوظيفي، ثم تتواصل معهم بحثا عن فرصة أفضل.
 بل إن مجرد اشتراكك في الموقع وعرض سيرتك المهنية فيه سيجعلها تظهر في نتائج بحث الشركات الباحثة عن موظفين جدد للانضمام إليها، وهذا باب كبير لتطوير الذات، وإثبات أنك موظف تجري وراءه الشركات!




بقلم رؤوف شبابيك

هناك 6 تعليقات: