الجمعة، 16 يناير 2015

من عامل دهانات إلى مؤسس شركة هورايزون الشهيرة



بسبب طبيعة وظيفة والده العسكرية، كان عليه التنقل كثيرا بين المدن والولايات، وحين أنهى دراسته الثانوية، غادر بوب ويليامسون منزله وعمره 17 ربيعا، وتحول ليعيش بعدها في الشوارع وعلى الأرصفة، وتدهور حاله حتى دخل السجن عدة مرات، لكنه استطاع أن يتحول من قاع الفشل إلى قمة النجاح، وهنا سنعرف كيف.
 لعل مشكلة بوب الفعلية هي الإشارات السلبية التي كان يتلقاها صغيرا بسبب سوء سلوكه، فكما أخبر محرر مجلة Inc فالكل كان يخبره في صغره ألا فائدة ترتجى منه.


لتغيير نمط حياته، ارتحل بوب من مدينته إلى أطلانطا عبر الركوب المجاني مع المسافرين على الطريق، ولم يكن يملك سوى ملابسه التي يرتديها، ولم يكن يعرف أحدا في هذا المكان الجديد الذي هبط عليه.

كانت أول وظيفة يحصل عليها عامل بناء، لكنه بعدها بفترة قصيرة تعرض لحادث اصطدام سيارة كاد أن يكلفه حياته، وبينما يرقد على سرير المستشفى، بدأ يتعرف على مبادئ دينه ويتمسك بها. بعد تعافيه من هذا الحادث، تعرف على زوجته التي لازمته بقية حياته.

بسبب سجله الإجرامي، لم تتوفر له فرص توظيف كثيرة، لذا قبل العمل في شركة دهانات، في وظيفة هي الأدنى في سلم الأهمية، قابعا في غرفة صغيرة في الدور السفلي من مبنى الشركة، يلصق الملصقات على علب الدهان.
 لكن بوب عمل بجد حتى أنه حصل على 8 ترقيات في فترة عامين، حيث ساعد الشركة لتنتقل من اللصق اليدوي للصق الآلي عبر أنظمة الكمبيوتر، ليدير بعض المشاريع الخاصة في الشركة. بحكم وظيفته، تعلم بوب بعض أساسيات الكيمياء، وتعرف على بعض الكيميائيين المهرة، وفي أوقات فراغه، بدأ يتعلم الرسم بالفرشة، وانتقل بعدها ليعمل في شركتي دهانات أخرى.

لكن هذا الوقت (سبعينيات القرن الماضي) كان ينقصه العديد من الأدوات الحديثة التي نعتمد عليها اليوم، ولذا أنفق بوب عامين من عمره في اختراع ألوان خاصة، مكنته من رسم بعض اللوحات الفنية التي أثارت إعجاب الكثيرين، حتى أنه حين شارك في معرض فني، تزاحم الناس لشراء دهاناته.
عندها أدرك بوب أن عليه تأسيس شركته، وهو ما كان انطلاقا من الدور السفلي في منزله حيث يقيم في عام 1977، إلى الجراج ثم مبنى صغير، حيث كان يبيع الألوان والكيمياويات والفرش التي يحتاجها الفنانون والرسامون في أعمالهم.

زاد عدد ما تبيعه شركة بوب الجديدة حتى فاق 7000 عنصر، وكان يبيع أغلبها عبر الطلبات بالبريد، حتى أنه أطلق مجلة فنية متخصصة ونشر كتب في تعليم الرسامين كيفية استغلال المكونات والأدوات الجديدة من أجل إبداع لوحات فنية غير مسبوقة.

لتنظيم هذا التوسع في مجال عمله، كان بوب يدخل أنظمة الإدارة الآلية المعتمدة على الكمبيوتر. كما يقول بوب، في هذا الوقت لم يكن بإمكان شراء تطبيقات جاهزة، ولذا عمد إلى توظيف مبرمجين ليطوروا له نظام إدارة خاص به.
لكن بوب كان على موعد مع مفاجأة مؤلمة غير متوقعة في عام 1988. فجأة استقال مديره المالي، وتبعه العديد من الموظفين لديه. اكتشف بوب بعدها فساد موظفي الحسابات لديه، وكذلك فقدان العديد من المستندات المالية والفواتير، وأن شركته مدينة بقرابة المليون دولار، وأن حساب الشركة لدى البنك مكشوف بقرابة ربع مليون دولار! كان بوب مقتنعا بقدرته على القيام من هذه العثرة، حتى أنه ترجى دائنيه ألا يلجئوا لإجراءات قانونية بعد تعثر الشركة في السداد، وكان يرسل لهم رسالة أسبوعية يطلعهم فيها على سير الأمور معه. من بعدها تعلم بوب الدرس، وأصبح يراجع بنفسه حسابات الشركة ويقارنها مع بيانات الحسابات البنكية.


في هذا الوقت، أراد بوب دخول معترك جديد لا ينافسه فيه كثيرون، ولذا باع شركته بعد تعافيها من عثرتها وبدأ يفكر في مجال جديد يدخله.

 في هذه الأثناء، كان أبناء بوب يشبون عن الطوق ويريدون بدء شركتهم الخاصة في مجال البرمجيات، وكان لدى بوب في تجارته اثنان من خيرة المبرمجين، ولذا دخل معهم في شراكة جديدة وأسس شركة هورايزون للبرمجيات في عام 1992. كما ذكرنا، كان بوب في شركته السابقة يعتمد على تطبيقات لإدارة كل شئون الشركة، وكانت البداية هي محاولة بيع هذا التطبيق للغير. كان ظن بوب أن الأمر سيمضي كما كان في شركته لبيع الدهانات، لكنه اكتشف أن بيع البرامج أمر مختلف.


وصل بوب بتفكيره إلى أنه محتاج لتحديد طبقة نيتش من المستخدمين، تكون لديها حاجة، وهذه الحاجة لا تجد من يلبيها على الإطلاق، أو على الأقل بشكل كاف. كان لدى بوب موظف مبيعات يطوف معه على المدارس ليبيع لها أدوات التلوين، وكان لبعض هذه المدارس قاعات تناول طعام كبيرة، تعاني لإدارتها بنظام ناجح. عاد بوب إلى مبرمجيه، وطلب منهم تعديل نظام إدارة المخزون والتوزيع ليناسب طبيعة الكافتيريات ومطاعم المدارس. كان هناك أكثر من 97 ألف مدرسة بحاجة لهذا النظام الذي صممه، لكن الرياح لم تأت قط بما تشتهيه السفن!


رغم أنه وظف رجال مبيعات من ذوي الكفاءات، لكنهم فشلوا في بيع هذا التطبيق، حتى اضطر بوب لأن يحاول بنفسه. قبلها، وكما يقول بوب، كان يكره المبيعات ورجالها، لكنه حين جرب الأمر بنفسه، اكتشف أنه بائع بالفطرة، وأنه ماهر جدا في هذا المجال. ذهب بوب بنفسه إلى مسؤولي هذه المطاعم وأخبرهم كيف يمكن لنظامه مساعدتهم على تقليل كم العمل اللازم، وتحقيق الوفورات وإدارة الأعمال بشكل آلي يعتمد عليه، خاصة وأن النظام الحالي وقتها كان يدويا، يعتمد على المستندات الورقية وعلى البشر.

خلال أسبوعين من جهوده البيعية، حصل بوب على طلب الشراء الأول، ومنه إلى الثاني والثالث، حتى حصل في النهاية على طلبات من جميع أنحاء ولاية جورجيا حيث كان يقيم. بشكل تلقائي، أصبح بوب مسوؤل البيع الأول في شركته، وأصبح ماهرا جدا في هذا الأمر، حتى أنه ضرب مثلا يماثل عندنا أنه قادر على بيع الماء في حارة السقايين كما نقول.

بمرور السنوات، طورت شركة بوب نظام الإدارة، ليتحول من إدارة قاعات الطعام في المدارس، ليدير المدارس كلها، ومنها إلى الجامعات حتى المستشفيات، وفي عام 2005 حصل على عقد قيمته 10 مليون دولار مع الجيش الأمريكي لإدارة قاعات الطعام في الثكنات العسكرية الأمريكية.

 عن طريق برامج بوب، يمكن للآباء شراء بطاقات مسبقة الدفع، ليستعملها أبنائهم في شراء الطعام من الماكينات الآلية الموزعة في ردهات المدارس، وعن طريق انترنت، يمكن للآباء معرفة نوعية الطعام الذي يشتريه أبناؤهم، وأن يشحنوا هذه البطاقات بالمزيد من الأموال.

أود هنا أن أنتهز الفرصة لأركز الضوء على ضرورة الخروج من البيئة التي يعيش فيها طالب النجاح، خاصة إذا فشل في تحقيق هذا النجاح بسبب إشارات سلبية يتلقاها من المحيطين به. نعم، أقصد بذلك السفر والهجرة في بلاد الله، ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم الأسوة الحسنة، فحين واجهته الصعاب الشديدة في مكة، سافر / هاجر / ارتحل إلى المدينة، وهناك حيث تمكن من النجاح في إبلاغ رسالته، وفي هذا الأمر الكثير من الحكمة والعظة. رغم حب الرسول صلى الله عليه وسلم الشديد لمكة، لكنه خرج منها ليحقق رسالته، وهذه أيضا لمحة يجب أن نقف أمامها بالتفكير والتدبير
.
تصلني رسائل كثيرة من أناس يشكون من عدم قدرتهم على النجاح في بيئتهم، وهؤلاء يصيبهم الذعر من ردي عليهم، حين أنصحهم بالخروج من بلادهم، فإن لم يكن فمن مدنهم. أذكر أني طلبت من شاك يوما أن يركب حافلة / أوتوبيس في بلده ويرتحل إلى أقصى أبعد مدينة في بلده ليزورها ويسير في طرقاتها، وجاء رده مليئا بالعجب والدهشة من ردي، فهو كان يريد حلا على غرار عصى موسى، لكني لست صاحب حلول سحرية تناسب مقاس كل صاحب الشكوى!

كذلك، الشاهد من هذه القصة أن بوب كان يمقت البيع والمبيعات، لكنه حين جرب بنفسه، وجد أن المبيعات والبيع هي نقطة قوته، وأنه ماهر فيها بالفطرة. كم من الأشياء تكرهها وأنت مخلوق لها دون أن تعطي نفسك الفرصة لتكشف عن قدراتها؟



بقلم رؤوف شبابيك

قصة نجاح موقع لينكد إن



في عام 1997، كان رييد هوفمان سباقا في قراءة مستقبل مواقع انترنت الاجتماعية (أو المجتمعية كما يفضل البعض) حين أنشأ موقع مواعدة كان من الأوائل في هذا المضمار، لكن موقعه هذا لم يمنعه من الاستثمار في مواقع مماثلة مثل فرندستر وفيسبوك و فليكر وغيرها.

رأى رييد المستقبل للتشبيك الاجتماعي، وأن الحصول على مليون مشارك خطوة أولى لنجاح المواقع الاجتماعية. فيما يلي أحكي لكم قصة رائد التشبيك الاجتماعي في قطاع الأعمال.
جاء ميلاده في 5 أغسطس 1967 في مدينة ستانفورد بولاية كاليفورنيا الأمريكية، ليتخرج من جامعة ستانفورد الشهيرة، ورغم أنه في مطلع شبابه أراد أن يكون أستاذ جامعيا، لكنه وجد أن العصامية (ريادة الأعمال / انتربنورشيب) ستجعله يؤثر بشكل أكبر وأكثر إيجابية في الناس عموما.

 تنقل رييد بين عديد الوظائف، منها ما كان لدى ابل و فوجيتسو، ثم أسس شركته الخاصة الأولى Socialnet.com (بمشاركة آخرين!) والتي خصصها لموقع المواعدة، بعدها لم يتردد في أن ينتقل للعمل في هذه الشركة الناشئة وضمن مجلس إدارة موقع باي بال.


سبب هذا التنقل بين الوظائف أن رييد حين قابل المستثمرين وطلب منهم المال لتأسيس شركته الخاصة، سألوه عدة أسئلة، مثل هل عملت في دور كذا وكذا، هل قمت بتوزيع برامج بأعداد مليونية، وغير ذلك، فما كان منه إلا وكتب كل هذه الأسئلة وبدأ يجتهد للإجابة عليها، بالعمل في شركات كبيرة يكتسب منها الخبرة العملية.

 حين أطلق موقع المواعدة، تعلم رييد درسه الأول: كيف تصل إلى ملايين المستخدمين عبر انترنت، ثم بعدها إلى عشرات الملايين منهم؟ لم تفلح شركته الأولى في العثور على الإجابة الصحيحة لهذا السؤال، ولذا تعين الانتقال إلى وظيفة أخرى: باي بال.
كيف تعرف رييد على مؤسسي باي بال؟ عبر جامعة ستانفورد حيث درس، ومن هنا يتبين لنا أن الجامعات ليست دور علم وحسب، بل هي نواة تشبيك اجتماعي تساعدك على ترقي سلم الأعمال والتجارة.

 نعم تعليمنا الجامعي عليه ملاحظات كثيرة، ولم نأتِ بجديد هنا، لذا دعنا نركز تفكيرنا على كيفية الاستفادة من الوضع الحالي، عل ذلك يساعدنا على تغيير المستقبل). حين فشلت شركته الأولى في جمع ملايين المستخدمين، انتقل رييد إلى باي بال حيث بدأ يتعلم أشياء كثيرة، فهو احتاج لبعض المعلومات عن قطاع البنوك، طرق التسديد والتحصيل، إدارة المواقع الآمنة، التكييف الحكومي للمعاملات المالية وغير ذلك. كان رييد يتعلم كيف يجمع الأجزاء الصغيرة معا من أجل صنع جزء كبير يؤدي وظيفة أكبر.

بعد بيع باي بال إلى شركة إيـباي، بدأ رييد في التفكير في إنشاء موقع اجتماعي لقطاع الأعمال والتنفيذيين، ولذا أسس في ديسمبر 2002 موقع لينكد إن Linkedin.com، وأطلقه رسميا في مايو 2003.

حصل رييد على نصيب سمين من بيع موقع باي بال، (ملحوظة للقارئ العصامي: احرص على أن تحصل على حصة في أسهم الشركة الناشئة) الأمر الذي جعله يمول فكرته الجديدة بقلب مطمئن، لما لا و رييد يؤمن بأن فترة الكساد الاقتصادي هي أفضل فترة تطلق فيها نشاطا تجاريا جديدا. لماذا؟ لأن الكساد يخلي الطريق أمامك من المنافسين، ويجعلك طريقك سالكا نحو القمة.

بالطبع، ثمن ذلك صعوبة الحصول على مال المستثمرين لتمويل مشروعك. هكذا الحياة، تعطي بيد وتأخذ بالأخرى يا عصام!

فوق كل ذلك، في فترة 2002، كان الجميع يتعافى من أزمة انفجار فقاعة مواقع انترنت، لكن هذا الخوف والقلق اعتبره رييد مزيدا من التحدي الذي أراد مواجهته. في البداية، جمع رييد 13 عضوا في فريق تأسيس الموقع، وحين بدأت آليات الموقع تعمل، قام هؤلاء الـ 13 بدعوة 112 من أصدقائهم ومعارفهم للاشتراك في الموقع. اليوم يفوق عدد المشتركين في الموقع 75 مليون، بدأوا من هؤلاء الـ13.

كانت الروح السائدة بين فريق العمل في ذلك الوقت (عامي 2003-2004) هو الاجتهاد لإجابة السؤال: كيف نحصل على مليون مشترك؟ هذه الروح جعلت خوارزميات البحث تجتهد لكي تعطي نتائج ذات قيمة فتعطي نتائج إيجابية تساعد الفريق على زيادة عدد المشتركين.
 لقد كان العام الأول من عمر الموقع (2003) عام تحسين ودوزنة وتطوير آليات العمل في الموقع. كان رييد شغوفا بأن يحصل على مليون مشترك، ثم يجعل هؤلاء المليون يتفاعلون معا ويتشابكون، ثم يبني نموذج تربح على هؤلاء المليون.



كانت المحاولة الأولى للتربح في عام 2005 من خلال طلب مقابل مالي لطلب متقدمين لشغل وظائف، ثم الثانية عبر نظام الاشتراك المالي الدوري مقابل المزيد من الخدمات التي لا يحصل عليها المشترك المجاني، ثم أخيرا الإعلانات، خاصة وأن المشتركين في الموقع جاؤوا من بقاع مختلفة من العالم كله، ما جعل هناك فرص كثيرة لوضع دعايات وإعلانات أمامهم. اليوم، عوائد الإعلانات مسؤولة عن 30% من إجمالي أرباح الموقع، بينما 30% تأتي من شراء الشركات الكبرى لخدمات الموقع للبحث عن أنسب الموظفين، بينما البقية تأتي من بيع الاشتراكات السنوية.

 هذه الطريقة في تنويع الدخل جعلت الموقع لا يتأثر كثير حين تتراجع عوائد إعلانات انترنت.

ثم جاء عام 2006 ومعه اكتشف رييد بعض المشاكل في الموقع، أهمها حاجته لتكبيره وتوسيعه لكي يجلب عوائد أكبر، والثانية أن عليه تحويل طريقة تفكير مبرمجي الموقع من الاتجاه الأحادي إلى الثنائي، بمعنى، هذا المبرمج مثلا وظيفته خوارزميات البحث، ولا شيء سوى ذلك.

 هذه النظرة لم تعد تجدي في عالم اليوم، خاصة في ظل المنافسة والتطور المستمر. كذلك، كانت الأفكار الجديدة تتطلب تعاون عدة أقسام وفرق معا، فالفكرة الجديدة تمس مثلا جزئية البحث والعناوين وصفحات السيرة الذاتية، ولم يكن ممكنا تنفيذ الفكرة على مراحل، بل توجب عمل كل هذه الأقسام معا، وهذا تطلب أن يكون لدى رييد مبرمجين يعملون على عدة محاور في الوقت ذاته.

بعدها نجح رييد في جلب بعض الأسماء الناجحة للعمل ضمن فريقه، مثل الشهير ديب نيشار Deep Nishar الذي ترك لواء جوجل مؤخرا وانضم إلى لينكدان في منصب نائب مدير المنتجات، كذلك المدير التنفيذي CEO دان ناي Dan Nye والذي ساهم في زيادة عدد المشتركين في الموقع من 9 مليون إلى 35 مليون، وزاد عوائد الشركة بمقدار 900%، كل هذا خلال عامين فقط قضاها مع الشركة.

 هذه العقول ساعدت الشركة على التوسع وضم المزيد من العاملين، وفتح مكتب في أوروبا للاقتراب أكثر من المزيد من العملاء.

لكن عام 2008 شهد الأزمة المالية العالمية، ومعه اضطر رييد لصرف 10% من إجمالي العاملين في الشركة. اليوم، تقدر القيمة الإجمالية لموقع / شركة لينكدان بمقدار 2 مليار دولار بعوائد سنوية قدرها 17 مليون دولار في نهاية 2008.

وأما نصيحة رييد لمن يفكر في إطلاق مشروعه الخاص، أن يفكر كما لو كان يقود سفينة لعبور البحر، هذه السفينة بحاجة لأن ترسو على عدة جزر خلال رحلتها هذه، هذه الجزر هي التمويل حيث يعمل هذا المال بمثابة الوقود الذي يضمن استمرار السفينة في الإبحار.

 وأما وظيفة المنتجات التي تبيعها هذه الشركة الناشئة فهي ضمان وصول السفينة لمثل هذه الجزر، قبل نفاد الوقود.
المحزن في هذه القصة وفق موقع ويكيبيديا- أن موقع ليندان يمنع وصول الداخلين عليه من سورياوالسودان (وكذلك إيران و كوبا). هذه المعلومة تعني أن أي موقع عربي مماثل يختص فقط بهذين البلدين سيجد إقبالا كبيرا. ولعل قارئ يسأل، ما فائدة موقع اجتماعي يضم السير المهنية لغالبية الموظفين العاملين على كوكب الأرض؟ دعنا نفترض أنك أسست شركة جديدة تبيع منتج ما. وظيفتك كمؤسس شركة جديدة العمل طوال اليوم لبيع هذا المنتج. الآن أنت تريد عرض هذا المنتج على مدير الشراء في شركة تراها بحاجة لمنتجك، كيف ستصل إلى مثل هؤلاء؟ ستتصل بصديق وتطلب مساعدته، أو تبحث في موقع لينكدان وتطلب التواصل مع الفئة المستهدفة بمنتجك.
موقف آخر، حين ينفد صبرك مع مديرك الحالي في وظيفتك وتريد الرحيل والتغيير، فتبدأ تبحث في لينكدان عن أصدقاء لك من الجامعة أو من الحياة، وتنظر أين انتهي بهم السلم الوظيفي، ثم تتواصل معهم بحثا عن فرصة أفضل.
 بل إن مجرد اشتراكك في الموقع وعرض سيرتك المهنية فيه سيجعلها تظهر في نتائج بحث الشركات الباحثة عن موظفين جدد للانضمام إليها، وهذا باب كبير لتطوير الذات، وإثبات أنك موظف تجري وراءه الشركات!




بقلم رؤوف شبابيك

من بائع خمر إلى تأسيس شركة سوني


هذه القصة جاءت من اليابان التي تترنح من زلزال تاريخي مدمر، وتحكي قصة رجل أراد النهوض ببلده بعدما ساوت حرب بها الأرض.
جاء ميلاد الياباني اكيو موريتا Akio Moritaفي 26 يناير من عام 1921 بالقرب من ناجويا، وهو ينحدر من عائلة غنية، جيلا بعد جيل وعلى مر 400 عام عملت في تقطير الخمور، واشتهر عنها تتبعها للغرب وتقنياته العصرية، وكان المتوقع من موريتا أن يعمل في مجال صنع مشروب الخمر الياباني الشهير باسم ساكي، محافظا على التقليد العائلي المتوارث.




لجعله مستعدا لتولي أعمال العائلة، كان والد موريتا يجعله يحضر الاجتماعات الدورية في الشركة، حتى تشرب موريتا سير العمل ودقائقه، وأصبح خبيرا إداريا ومشروع مدير ماهرا، كما اشتهر عنه دقة ملاحظته وحبه لفهم كيفية عمل الأشياء.

بعد إنهائه لتعليمه الثانوي، انخرط موريتا في جامعة أوساكا الملكية وتخصص في علم الفيزياء، حيث اكتشف عشقه للفيزياء والرياضيات، خاصة بعدما عُرف عنه قدرته على تفكيك مشغل الفونوغراف وتركيبه مرة أخرى، وقرر بعدها ألا يعمل في تجارة العائلة، بل في مجال تقنيات تسجيل الصوتيات عالية الجودة.

لكن هذه الرغبات والأمنيات أوقفتها تداعيات الحرب العالمية الثانية، التي كانت مستعرة وقتها، حيث التحق موريتا بالبحرية اليابانية في عام 1944، ليقابل هناك زميله ورفيقه، مهندس الإلكترونيات ماسارو إيبوكا. بعدما وضعت الحرب أوزارها، سافر موريتا للعمل كأستاذ في معهد طوكيو للتقنية، بينما شرع إيبوكا في التفكير لتأسيس مشروعه التجاري، معهد طوكيو لأبحاث الاتصالات، واستعان بخدمات صديقه موريتا للعمل لديه بدوام جزئي.

بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، كانت اليابان أثرا بعد عين، إذ كانت المدن الكبرى مدمرة، وكانت هيروشيما و ناجازاكي تشهدان على بشاعة التسليح النووي، وكانت الشركات اليابانية تفلس وتغلق أبوابها الواحدة تلو الأخرى.
 رغم تدمير شبكة المواصلات الداخلية، وقلة الموارد الغذائية، كان موريتا كان واثقا من قدرة بلاده على الوقوف على قدميها من جديد، وتحقيق نهضة شاملة، وكان يريد أن يكون واحدا من صناع هذه النهضة.

في شهر مايو من عام 1946، أسس موريتا (وعمره 25 سنة وقتها) و إيبوكا (38 سنة) شركة جديدة أسمياها شركة طوكيو لهندسة الاتصالات (Tokyo Tsushin Kogyo)، برأس مال (مقترض من والد موريتا) قدره 190 ألف ين أو ما يعادل 500 دولار، واتخذت الشركة من متجر مهجور دمرته القنابل مقرا لها، وكان الهدف تصنيع منتجات إلكترونية عالية الجودة، لجعل جملة ’صنع في اليابان‘ مرادفا للجودة العالية، بقوام 20 موظفا. كانت أوائل المنتجات هي المكبرات الصوتية وأجهزة الاتصالات، والتي ذهبت إلى بريد وإذاعة اليابان.


كان تركيز موريتا منصبا على التسويق والتمويل والتوظيف واقتحام الأسواق العالمية، بينما كان جل اهتمام إيبوكا منصبا على تحدي مهندسيه ليبتكروا ويخترعوا في مجال البحث العلمي.

أدرك موريتا أن اليابان منهكة، وغير قادرة على شراء منتجاته بوفرة، ولذا تطلع للتصدير إلى الأسواق الخارجية، لكن هذا الوقت شهد تحول العديد من الشركات والمصانع اليابانية للتقليد، والمجيء بمنتجات مقلدة ذات جودة قليلة، مثلما تفعل مصانع الصين (ومن قبلها مصانع كوريا الجنوبية) في وقتنا المعاصر، وكانت جملة صنع في اليابان مرادفا لقلة الجودة وضعف المستوى.


في عام 1949 تمكن موريتا مع إيبوكا من تطوير شريط تسجيل مغناطيسي، والذي ساعدهما في العام التالي على تقديم منتجهما مسجل شريط الكاسيت ثقيل الوزن بسعر بيع 500 دولار، والذي لم يحقق أي نجاح في البداية، لكن المدارس اليابانية وجدت فيه فائدة كبيرة لها وبدأت تشتريه.

 لم يقف موريتا عندها، بل أخذ ينتج برامج صوتية تزيد من فائدة مشغله، وشيئا فشيئا بدأت أهمية المشغل تزيد، ومعها زاد الطلب على شرائه. في عام 1950 تزوج موريتا، ليصبح بعدها أبا لثلاثة أبناء، ورغم أن التقاليد اليابانية تصر على إرسال الأولاد إلى مدارس يابانية، إلا أن موريتا أرسلهم إلى مدارس دولية، ليتعلموا مختلف الثقافات والعلوم.

في عام 1953، بدأ موريتا رحلات سفر مكوكية خارج اليابان باحثا عن فرص تصدير لمنتجات شركته، في الأسواق الأمريكية والأوروبية، وفي العام ذاته اشترى موريتا حق استغلال الاختراع الجديد: الترانزستور من شركة معامل بل. هذه الرحلات عرفته على شركة هولندية تصنع المصابيح الكهربية، حملت اسم فيليبس، ثم تحولت لتصبح عملاق تصنيع منتجات إلكترونية، وهو ما أراده لشركته أن تكون عليه.

في عام 1957، أطلقت شركتهما راديو صغير الحجم، معتمدا على تقنية الترانزستور بالكامل، سهل الحمل باليد الواحدة خفيف الوزن، لكن اسم الشركة كان صعب النطق أو التذكر لغير اليابانيين، ولذا توجب حل هذه المعضلة من أجل تسهيل دخول الأسواق العالمية.
 فكر الثنائي في الأمر، واستقرا في عام 1958 على اختيار كلمة سوني، القريبة من كلمة سونس Sonus اللاتينية والتي تعني الصوت، كما أن سوني قريبة من كلمة Sonny اللقب الشهير لدي الأمريكيين. هذا الاسم الجديد لاقى معارضة شديدة من كثيرين، واتهم البعض موريتا بالجنون!

في عام 1960، بدأ تأسيس الفرع الأمريكي من شركة سوني، بعدها بعام كانت سوني أمريكا أول شركة يابانية تدرج في بورصة نيويورك للأوراق المالية، الأمر الذي مهد الطريق لشركات يابانية أخرى كي تحصل على تمويل أجنبي ليساعدها على التوسع والانتشار.

 في عام 1963، انتقل موريتا مع عائلته إلى مدينة نيويورك ليدير بنفسه قنوات البيع والتوزيع، وليتعلم المزيد عن السوق الأمريكية عن كثب.

من مقولات اكيو موريتا – مؤسس سوني:
" إذا قرأت كلمتك من ورقة، فلن تقنع أحدا."

" المناخ الذي يكون فيه من الأسلم ألا يقول أحدهم شيئا، لهو مناخ خطير مدمر. "



في عام 1965 قدمت سوني أول مسجل فيديو منزلي بسعر في متناول عموم المستهلكين، وأتبعته بعدها بعام بمسجل الفيديو الملون، وبعدها بعام (1967) بأول شريط فيديو من اختراعها لمشغلات الفيديو، وبعدها بعام بأول كاميرا ومشغل فيديو محمول يعمل على بطارية.
كذلك كان موريتا أول من استبدل نظام إطلاق أرقام على طرازات سوني، باستعمال أسماء مثل: ووكمان، هاندي كام، وتشمان، تراينترون، وغيرها.



في عام 1968 دخلت شركة سوني صناعة الموسيقى والأغاني عبر شراكة مع شركة CBS لتشتريها كلها في عام 1988، وبعدها بعام اشترت سوني شركة أفلام كولومبيا الأمريكية، لتكون سوني بعدها من كبار اللاعبين في صناعة الترفيه والموسيقى والأفلام السينمائية.
 كذلك كانت سوني أول شركة يابانية تقيم مصانع لها على أرض الولايات المتحدة الأمريكية.

في عام 1979 طلب إيبوكا من مهندسيه صنع مشغل شرائط كاسيت سهل الحمل، ليستعمله خلال ساعات سفره الطويل بالطائرات إلى خارج اليابان، وكان الحل العملي هو التخلي عن وظيفة التسجيل الصوتي، وتقديم وظيفة تشغيل الشرائط فقط، وكانت هذه الفكرة مجنونة، وحكم عليها الجميع بالفشل مسبقا، كما أظهرت دراسات السوق أن فكرة الاستماع عبر سماعات رأس فقط، وليس عبر سماعات جهورية، ستقلل من فرص نجاح المنتج، لكن موريتا كان مؤمنا بأن جعل المشغل خفيف الوزن صغير الحجم سهل الحمل سيتكفل بنجاحه، وهو ما حدث بعدها، مع أكثر من 250 مليون مشغل كاسيت ووكمان بيع منذ إطلاقه لأول مرة في عام 1979.

الطريف أنه حين أراد موريتا إطلاق اسم ‘ووكمان’ على مشغل شرائط الكاسيت المحمول في 1979، رفضه قسم التسويق والمبيعات في أمريكا، لأنه اسم غير صحيح لغويا!

لم تمض أيام موريتا على وتيرة النجاح، فحين طرح جهاز طهي الأرز وفق الطريقة اليابانية، فشل فشلا ذريعا، كذلك فشل مشغل أقراص بيتامكس بسبب ظهور منافسه القوي شرائط في اتش اس VHS، ويعلق موريتا على ذلك قائلا: لا تخش الوقوع في الخطأ، فقط لا تكرر الخطأ ذاته مرتين.
كان موريتا مولعا بالاختراع والابتكار، ولذا لا عجب أن تأتي سوني بأول جهاز تليفزيون نقال يعمل على البطاريات، وأول مسجل فيديو ملون بيتامكس، وابتكرت كذلك مشغل أقراص الكمبيوتر من المقاس 3.5 بوصة، وشريط تسجيل الفيديو مقاس 8 ملم، والقرص المدمج (سي دي) بالتعاون مع فيليبس، وجهاز الألعاب المنزلية بلاي ستيشن.

في عام 1994 تعرض موريتا لأزمة صحية أثناء مباراة تنس كان يلعبها، الأمر الذي أقعده وجعله يستقيل من إدارة الشركة ويتفرغ لكتابة سيرته الذاتية، في كتاب أسماه صنع في اليابان، بعدما ألف كتابا آخر عن النجاح في عام 1966 أسماه: ’لا تبالِ بسجلات المدارس‘. في عام 1999 توفى موريتا، عن 78 عاما، وكان وقتها أشهر مواطن ياباني، وكانت سوني أشهر علامة تجارية في الولايات المتحدة.

وهنا حيث تنتهي القصة، ويأتي دور التفكير في أحداثها. لعل أول شيء يستوقف القارئ هو رغبة البطل العارمة في نهضة ببلاده، وشجاعته للذهاب إلى البلد الذي هزم بلده شر هزيمة في مجال القنابل، ليهزمها هو في مجال التجارة والإلكترونيات.
الملحظ الثاني هو شجاعة اكيو لمخالفة خبراء التسويق ونتائج أبحاث السوق، وأما الثالث فهو شجاعته للاعتراف بأخطائه – أمام نفسه وأمام العالم.

وأما أهم مافي القصة فهو التأكيد على أهمية الابتكار والإبداع والاختراع. لقد كانت سوني يوما رمزا للمجيء بكل ما هو جديد في عالم الإلكترونيات، ولها أياد بيضاء على حياة العديد من البشر.
من شركة مجهولة في بلد مقهور، إلى شركة يفتخر مقتنو متنجاتها بذلك. حتما هناك المزيد من الحكمة لنخرج بها من هذه القصة، لكن لن يخبرنا بها سواك عزيزي القارئ.



بقلم رؤوف شبابيك